لأنها ملعونة..فقد استبدلت أحلامها نفسها بالكوابيس اللتي لم تعد تفزعها بقدر ما أصبحت تثير ضحكها..ولكنها أبدا لم تثر دهشتها...فهي تعلم أنها مجرد تداعيات لشيه العالم. لم يكن أبدا لديها رغبة في تفسير أحلامها أو كوابيسها، لكن كابوس الأمس كان مثيرا للاهتمام...فقد رأت فيه كف تألفه ولم تستطع تمييز وجه صاحبه. كان الكف كبير ويملأ ناظريها فلم ترى أبعد من الرسغ...أسمر ككف أبيها ولين ككف أمها...متشابك الخطوط كثيرها ككفها تماما. في باطن هذا الكف رقدت قطة صغيرة مشمشية اللون تموء في فزع...وكلما مدت ذراعيها لتلتقط القطه يضم الكف أصابعه قليلا فيستحيل عليها الوصول إلى القطة.
بعد الكثير من المحاولات الفاشله لإنقاذ القطه من باطن الكف قررت أن تتسلقة..فإن لم تستطع انقاذ القطه فيمكنها أن ترقد إلى جوارها لتطمئنها..فالكف لا يبدو شريرا بحال...في الأغلب هو كف عملاق يلهو. حلّت شريط أبيض يربط خصلات شعرها الأسود واستخدمته في تسلق الكف من إبهامه..فلم يبد أنه يمانع، بل إنها ظنت لوهله أن الكف اقترب منها قليلا ليسهل عليها مهمة لف الشريط حول منبت إبهامه. كان الطريق لباطن الكف -حيث ترقد القطة- مليء بالخطوط اللتي بدت كشوارع. لم يكن ينقص ذلك الكف إلا بعض العلامات الإرشاديه الخاصة بالطرق لتصبح خطوطه شوارع مدينة شديدة الاتساع. عندما وصلت لمنتصف باطن الكف تماما جلست تستريح من طول الطريق...ثم احتضنت القطه المطمئنة إلى وجودها..ونامت.
استيقظ من نومها فجأة على صوت مرعب يتصاعد أسفل الكف الذي كوّر أصابعه حولها والقطة كأنما يحميهما من تلك الضوضاء الصادرة عن كائنات مجهولة. احتضنت القطة بشدة وهرولت نحو الفرجة بين السبابة والإبهام لتستبين الوضع الكائن تحت الكف فرأت كائن غريب يتسلق شريطتها المعلقة في الإبهام...يتلوى عليها صاعدا كدودة عملاقه. هيئة الكائن تبدو بشرية ولكنه مبتور الذراعين ووجهه بلا ملامح وفمه عبارة عن شق بين فكيه يصدر عنه صوت مزعج..فتقدمت قليلا لترى الكثير من هذه الكائنات يحاول تسلق شريطتها البيضاء للوصول إلى باطن الكف العملاق..شعرت بالكف يتحرك قليلا إلى الأعلي مبعدا الشريط عن سطح الأرض فتعذر على الكائنات المشوهة الوصول إليها.
هدأت قليلا عندما اطمأنت لنجاتها من الكائنات الغريبة فارتدت عائدة إلى المنتصف لتسمع الصوت المزعج مرة ثانيه، ولكن من مسافة تبدو قصيرة جدا هذه المره، فتلتفت لتجد أن أولهم الذي كان يتسلق الشريطة منذ قليل واقف خلفها تماما وقد توقف عن الصراخ فور أن التقت عيناها بعينيه فأجفلت ولكنها لم تنصرف...فقد رأت حبة لؤلؤ تنحدر من عينه اليمنى تلتها أخرى من اليسرى لتسقطان بالتوالي إلى باطن الكف. انحنى الكائن فارتدت هي خطوتين إلى الخلف في حذر فدفع إليها اللؤلؤتين برأسه كما يفعل كلبها في المنزل عندما يرغب في اللعب فيدفع نحوها بالكرة. انتظرت حتي اعتدل من انحنائته وانحنت في حذر ملتقطة ما أهداها مثبتة عينيها عليه في حذر..فابتسم. لم تفهم تحديدا ماذا يريد منها ولكنها ابتسمت بدورها وشكرته وهمت بالاتجاه نحو الإبهام..عندها صدر عنه أنين يشبه البكاء وتحدرت اللآليء من عينيه بكثره وفور ملامستها لباطن الكف بدت وكأنها تتحرك بإرادتها فابتعدت خطوتين للخلف لتعطيها مساحة التشكل فثبتت اللآليء بعد أن رسمت حرف "ق"..أدركت أن الكائن لا يريدها بسوء ولكنه يريد منها شيئا لا تفهمه وليست واثقة من أنها تملكه بالأساس.
بعد برهة من الثبات..شعرت بخط تحت قدميها يتحرك فنظرت لتجده يتمدد عرضيا ليصبح ممشى متسع كأنما يرشدها لمكان ما. عندها..لحظتها..قفزت القطه من بين ذراعيها لتسلك الطريق الذي كان خطا..فتبعتها..وتحركت خلفها حبات اللؤلؤ...والكائن المشوه. ظلت القطة تقود الطريق حتى منتصف باطن الكف الذي فرد اصابعه مسترخيا.. عند منتصف باطن الكف...أخذت القطه تحفر تجويفا بدا كجرح في البداية ولكنه لم يقطر دما وإنما نضح ماءا جلست فيه القطه فأخذت في التحول التدريجي لتصبح شجرة صغيرة نمت بسرعة لتصبح شجرة مزهره تمثر حروف "ق" غير منقوطة تتدلى من أفرعها. فنظرت الفتاه في دهشه إلى الشجرة والكائن وحبات اللؤلؤ وفركت عينيها وأغمضتهمها...فتحت عينيها لتجد كل شيء كما رأته...شجره تتدلى منها حروف "ق" غير منقوطه...وحبات لؤلؤ مصطفه على أرضية ممشى في باطن كف أسمر عملاق يحملها وكائن مشوه مبتور الذراعين وجهه بلا ملامح.
عندما اكتمل نمو الشجرة تماما وتدلت الأحرف واستقرت، تدحرجت حبتي لؤلؤ نحو الشجرة وشرعتا في تسلقها..وظلتا تتدحرجان حتى وصلتا لأقرب حرف واستقرتا في باطن تجويفه فسقط عن فرعه. ظلت هي واقفة في حيرة لم تدر ماذا يمكنها أن تفعل أو ما معنى كل ما يحدث، وبينما هي تفكر استلقى الكائن المشوه على بطنه وأخذ يزحف حتى استقر فوق الحرف الملقى أرضا ليواجه مكان قلبه تماما الذي تدرك هي الآن أنه عبارة عن تجويف. فور أن استقر الحرف في تجويف صدر الكائن المشوه طرأت عليه تحولات غريبه..فقد نبتت له ذراعان ووجه ثم أخذت أعضائه في التحول حتى استقر على هيئة حصان أسود له جناحين وأخذت حبات اللؤلؤ المتبقية على الأرض في التحرك وتسلقت الحصان من قوائمه الأماميه لتستقر على غرته لتنصهر فيها مشكلة بقعة بيضاء.
صهل الحصان ثم طأطأ رأسه وأخذ يدفعها برأسه تجاهه كأنما يريدها أن تمتطيه..ففعلت..فاقترب بها من الشجره فاصبحت الأحرف في متناول يدها فأخذت تقطفها كالمسحورة وهي لا تفهم شيئا مما يحدث ولكن كان لديها شعور خفي بأنه هنا في مهمة ما وبأنها تفعل ما هو مطلوب منها تماما..عندما فرغت من جمع الأحرف طار بها الحصان وأخذ يحوم حول الكف في جولات متوالية. وفي أحد جولاته مال بها قليلا فسقطت من حجرها الأحرف لتسقط بين الكائنات المشوهه المستقلية تحت الكف بعدما فشلت في تسلقه. بدأت الكائنات في التحرك كلٌ نحو حرف يذرفون الخرزات الملونة من عيونهم ليتحولوا إلى كائنات مختلفه. عندما اكتمل تحول الكائنات جميعها هبط بها الحصان على الأرض لتجد نفسها في غابة كبيرة مليئة بمختلف أنواع الحيوانات والطيور والزهور الملونة..فتجولت فيها يتبعها حصانها الأسود المجنح ذو الغرة البيضاء.
جائها من بعيد صوت مواء قطة فمدت بصرها نحو الأفق فلم ترها فشرعت تتلفت مقلبة ناظرها بين تفاصيل الغابة فلم تجد شيئا...نظرت لأعلى فوجدت الكف قد انسحب تماما من المشهد..بدأ حصانها في الصهيل مرة أخرى ثم طأطأ رأسه دافعا إياها لامتطائه مرة أخرى...ففعلت. أخذ الحصان يجول فوق الغابة وصوت مواء القطة يملأ السماء فنحته عن مساره متتبعة صوت مواء القطة لتجدها هذه المره واقفة على حافة بركان في أرض قفراء مجاورة للغابة اللتي شكلتها الكائنات المشوهه
3 comments:
مش من حقك تتكلمى بالمنظر ده عن القطة المشمشية! بالطريقة دى هترفع عليكى قضية
Dank den Themen .... Ich hoffe, mehr von den Themen
مدونة مميزة
كل تقدير واحترامى لكم ... :)
Post a Comment