6 Jun 2012

فتله على فتله..ودوباره فوق دوباره تبقى نسيج

إنني قررت أن أدخل في حرب مع القبح، ولا رجعة عن هذا القرار
فإذا لم استطع إيقاف جيش الروم، أو زحف التتار
وإذا لم استطع أن أقتل الوحش.. فحسبي.. أنني أحدثت ثقباً في الجدار
نزار قباني                                        

كان عندي اجنده صغيره بجمع فيها أي كلام بيعجبني...منهم الأبيات اللي فوق دي...من الكلمات اللي علّمتني من مساهمة البني آدم في أي حاجة مش ضروري تكون مباشره وكبيره...ساعات بيكون مجهود متكرر بيتكركب فوق بعضه يشكل فرق بعد مده طويله...زي غرز الكروشيه اللي أمي قعدت سنين ترصّهم جنب بعض لحد ما عملت منهم ستاير لكل ضلفة زجاج بلكونه أو شباك موجود في بيتنا....بيتنا كان ٤ أوض ومطبخ وصاله وحمامين...وكل حيّز من دول ليه منفذ هواء واحد على الأقل بضلفتين

بابايا بعد ما  بطل الكفاح المباشر ضد نظام الحكم القائم أيام عبد الناصر نفّض إيديه تماما وكرس وقته للحياه الطبيعيه...بيت وعيال وساعات شغل...وبعدين اتفرّغ للآخر للعباده عشان عياله كبروا ومابقاش عند حاجة تانيه كبيره يعملها...لما كنت بسأل بابا هو ليه ماسابش البلد...وليه بطل الكفاح المباشر...قالّي إنه بقى لوحده ماعندوش حد مؤمن باللي هو مومن بيه فمضطر يكافح لوحده...وإن تمسكه بحقه كفرد هو ده كفاحة الفردي...وإنه يخلّف عيال يربيهم كويس ينقلّهم مبادئه ده جزء مهم جدا من الكفاح الفردي...بابا علمني انا واخواتي الاتنين (ولدين بالمناسبه انا بنت وحيده والصغيره كمان) إن إحنا مانسيبش حقنا...حتى لو حقنا ده شلن في أجره ميكروباص هتتاخد مننا غصب...كل واحد فينا وهو بيدافع لوحده عن حقه لوحده بيعلّم الناس اللي حواليه هي كمان ماتسيبش حقها...ناس هتتعلّم وناس هتتريق علينا...عادي...بابا علّمنا برده إن مالناش دعوه بالناس رأيهم إيه أدام إحنا عارفين إننا بنعمل الصح...والصح هو أي حاجة مش حرام...والدفاع عن الحقوق الفرديه كفاح مقدّس...ومساعده الناس التانيه انها تاخد حقها كفاح مقدّس...حتى لو كان الحق ده درجة نقصت غلط في ورقة زميلتي لو أخدتها تبقي هي الأولى على الفصل وأبقى أنا التانيه

الناس اللي كانت بتنزل مظاهرات بعدد قليل على سلالم نقابة الصحفيين...وفي الجامعه...وفي حتت تانيه كتير...بأعداد قليله ومتنطوره...بمرور السنين كتروا واتلملموا..وفي الآخر بقت ثوره على نظام قعد يظلم كتير...والظلم اتراكم...لما أصبح فوق الاحتمال..والصمت على الظلم اتراكم لحد  ماتحوّل غضب مكتوم...والغضب المكتوم اتراكم لحد ما أصبح ثوره علي نظام فاسد تعمّد إنه يحافظ علي جهل وفقر ومرض الشعب...وبرده كان حريص على إنه يخلّي الخوف يتراكم...وفضل الخوف يتراكم لحد ما بقي هو كمان غضب...صحيح إن تراكم الجهل أوشك يؤدي إن نفس النظام ده يرجع تاني...بس مش مهم...الفشل برده خبره بتتراكم...هتفشل مره...والتانيه...ويمكن التالته زي الثوره الفرنسيه...بس في كل فشل بتكتسب خبره..الخبره التراكميه دي هي اللي هتعلّي الوعيّ وتقلل الجهل شويه بشويه...practice makes perfect

أنا لسه بشتغل كروشيه...ولسه ماعنديش ستعداد أسيب البلد وأطفش واتوقف عن المساهمة التراكمية في التغيير...طول الوقت كان عندي فرص اسيب البلد وأمشي...وعارفه إني كنت هنجح برّه بالمفهوم العام: هعمل فلوس كتير ومش بعيد أبدا إني كنت اتشهر...بس كل مرّه كان بيجيلي فرص كنت بسأل نفسي: انا هستفيد فلوس وعيشه مرتاحة، هفيد البلد التانيه دي بإيه؟؟؟؟؟؟؟ ولا حاجة...البلاد التانيه دي مش محتاجاني...ولا شعوبهم محتاجة مساهمتي...لو أنا سافرت مين هيقول لصبي القهوجي اللي معظم الزباين بيتعاملوا معاه على إنه كم مهمل: تسلم إيدك، لما يحطلي الطلبات؟...دلوقت مابقيتش أنا لوحدي اللي بقوله تسلم إيدك...لو أنا مشيت الناس للي بتاخد بالها من العيال الصغيرين وقت الاشتباكات مع الداخليه هينقصوا واحد...والله أعلم ساعتها العيال دي هينقص منها كام واحد عشان مالقاش حد يشده من ايده وهو مش شايف وسط الغاز طلّعه يشم هوا عشان مايتخنقش...كام واحد لفّ واتدور يدخل تاني يثبت ويثبت اللي حواليه وينقذ ناس من ضرب خرطوش أو رصص حيّ وقت اشتباك...لمجرد إنه لقى بنت مافهاش ضربة كفّ...ماتعرفهوش ولا يعرفها...بس واقفه مستنياه على بعد ناصيه توطي تربطله رباط جزمته عشان هو بيكح من الغاز ومش شايف وكان هيتكفي على وشه بسبب الرباط المفكوك...فحس إن وجوده في المكان ده مهم...وإنه لازم يكمّل...وإنه لو جراله حاجة هيلاقي حد يلحقه قبل ما يجراله حاجة أكبر ممكن تكلّفه حياته كلها...لو أنا مشيت...الناس اللي بتطبطب على كتوف الناس وتقولهم: انتوا صح...كمّلوا...مش مهم نتكعبل كام مرّه المهم إننا نقوم ونكمّل...الناس دي هتنقص واحد..الواحد ده لو نقص ماعرفش كام واحد هيفقد الأمل عشان الواحد ده يأس وراح يدوّر على مصلحته...صحيح حقّه يعمل كده وماحدش يقدر يلومه...بس أنا ماعرفش زعمل كده...ماتربيتش على كده

الأنبيا والرسل نزلت عليهم الرسالات كأفراد...وبعضهم زي سيدنا نوح أول من كفر بكلامه أقرب الناس ليه...وبعضهم زي سيدنا موسى زكتر ناس تعبوه هم الناس المؤمنين بيه..صحيح إننا مش أنبيا ولا رسل...بس إحنا برده مش بننشر رساله سماويه...إحنا بنساعد ناس تانيه مانعرفهاش إنهم يعيشوا في بلد تعاملهم زي أي بلد كويسه ما بتعامل شعوبها...بنساعدهم يستردوا حقهم في الحياة الكريمه...لا أكثر ولا أقل...صحيح إنهم بيطهقونا على ما يفهموا إننا عاوزين مصلحتهم مش العكس...بس المعرفه برده تراكمية

أنا فرد تافه جدا...ومابعملش حاجة مهمه بنفسي ماحدش تاني مايقدرش يعملها...بس أيا كانت الحاجة التافهه اللي بعملها دي فهي بتساعد ناس تانيه بتعمل حاجة مهمّه جدا بنفسها إنها تكمّل وتفضل تعملها..وأنا والناس دي مساهماتنا تراكميه...بتضم علينا ناس تانيه من وقت للتاني...ناس بتيجي تعمل زيي حاجات تافهه لناس تانيه بتعمل حاجات أهم محتاجين الحاجات التافهه دي عشان يقدروا يكموا...كلنا مش عارفين ده هياخد وقت أد إيه...بس ماظنّش إنها فارقه طول ما في ناس بعدينا بتكمّل...وناس حوالينا بتنضم...بس الأكيد إن في حاجات بتتغير بمرور الوقت...زي ما نقطه الميه لما تنزل وري نقطه تانيه على صخره بتدوّب منها حته مابتتكونش تاني...نقطه وري نقطه..سنه وري سنه...نقط الميّه التافهه دي...بتعمل حفره كبيره في الصخره الجامده...عشان كده أنا مش همشي من البلد دي غير عشان أتفسّح وأرجع تاني أكمّل حفر

20 comments:

محمد س. كامل said...

تدوينة جميلة

Radwa ElShami said...

بحب الفكرة دي جدا ومبدأ قليل مستمر بس أنا مش بعمل حتى حاجات تافهة . . . ممكن أسافر بأه أتعرف على نفسي على الأقل؟

Bratt said...

Mashaa Allah...gameela

Zeinab Hataba said...

عارفه يا امينة انا من فتره قليله كنت فى اجازه بره وكان فى ايدى مرجعش ادور على شغل واستقر بره واشتغل واحب واخرج واتكلم عن مصر بليل فى الكافيه بكل حرقه وانا بنفخ هوا الشيشه .بس مقدرتش واتبسط اوى من نفسى انى اخترت ارجع رغم انى زيك وزى غيرنا كتير مبنعملش كتير بس اللى بنعمله مؤثر
شكرا على كلماتك
وهنستمر نغلط ونقع ونقوم ونختلف ونتخاق بس فى الاخر اكيد هنوصل :)

AZ said...

:)

Anonymous said...

wow أنا مش همشي من البلد دي غير عشان أتفسّح وأرجع تاني أكمّل حفر

candy said...

رائعة ومنطقية وفيها روح ...

ربنا ينزع عنا روح اليأس

shimaa yasin said...

لا افعل شيئا مدهشا ولكنى احاول وسط هذه العزلة ان اجعل الحياةممكنة التحمل .. انتى جميلة يا امينة

Marwa said...

من أجمل و أرق ما قرأت.....كلامك أثر جدا في لأني طول الوقت بلوم نفسي إني مش عارفه أعمل أكتر من اللي بعمله و إحساسي إني غلط لأني مش بحارب بدبابه و ماقدرش أغير إلا حاجات بسيطه
حسستيني إن لي لازمه :)) شكرا إديتيني أمل

ابراهيم رزق said...

مين قالك ان مش بتعملى حاجة مهمة

يوم اول مليونية كنا بايتين فى التحريربليل و لما الدنيا مطرت و الجو سقع ولعنا نار
وكعادة التحرير بنتجمعحول النار اغلبنا ميعرفش بعض
جت بنت جميلة شابة بتلم الورق من الاررض
منساش راجل عجوز باس ايديها و قالها هذه يد يحبها الله ورسوله
برده هذه يد يحبها الله ورسوله

تحياتى

Anonymous said...

Very inspiring and encouraging. Babaki mo7taram awi w 3ando fekr f tarbeyet welado, I respect that.

Anonymous said...

كما هى رائعة نسمة الهواء الباردة فى ليلة صيفية كذلك شمعة الامل التى اضئتيها فى ليل اليأس ... شكرا جزيلا

مغترب عاش لنفسه said...

اي انسان هو حلقة في سلسلة طويلة ممتدة من آدم إلى اخر الزمان الحلقات كلها شبه بعضها لكن كل حلقة مهمة للي قبلها وللي بعدها، كلام كتير جوايا مش عارف اقوله لان التدوينة دي اثرت فيا كتأثير نيزك خبط في كوكب

Unknown said...

كلنا هنكمل حفر سوا ان شاء الله مع بعض

AZ said...

متشكره :)

Layla said...

جميلة اوي ... فعلا المفروض مانزهقش و مانيأسش .. أكيد في الاخر هنوصل لحاجة

Anonymous said...

انتي صح:)

semsem said...

very inspiring amina, thank you

ĤAЧΛ ۞'. said...

مش مهم نتكعبل كام مرّه المهم إننا نقوم ونكمّل...الناس دي هتنقص واحد..الواحد ده لو نقص ماعرفش كام واحد هيفقد الأمل عشان الواحد ده يأس وراح يدوّر على مصلحته .
رائعة..
أقول لك يا أيتها الفرد المعطاء زرعتي فيّ هذا الشي الملهم الذي تتكلمين فيه، كان في خلدي دائماً أمنية أن أبتعد، وأعيش لنفسي، لكن وبرغم إستحالة تلك الأمنية أصبحت لا أريد، ليس الآن فقط، أي ليس بتأثير كمية العواطف الرائعة هنا،لا بل تأثير ممتد، من الرائع أن نموت وقد حققنا الهدف، ومن الأروع أن نموت مكافحين نُخلف من يكمل المسيرة.

وكما قال ابراهيم رزق في تعليقٍ سابق: هذه يد يحبها الله ورسوله.

سلمت يداك وسلمت بإذن الله يا مصر وجعلك الله بوابةة خير للعالم العربي أجمع.

Anonymous said...

من أكثر التدوينات الهاما... استمرى فعلا فيه ناس بتبقى على وشك انها تيأس ومحتاجة الحاجات الصغيرة دى علشان تشحن الطاقة وتقدر تكمل