28 Jan 2012

٢٨ يناير ٢٠١١ -الجزء الأول

صحيت الصبح بدري من نومة الوداع باعتبارها النومة الأخيرة...اتجمع الأحباب وقعدنا نشوف هنطلع من انهي مظاهرة...كله تمم علي حاجته...معاه البطاقه..وازازه ميه متدوب فيها دوا حموضه...وازازه خل..واللي محتاج ادويه خاصه كانت معاه...بس انا مكانش معايا دوا الحساسية...اتفقنا هنطلع كلنا من مظاهرة غير معلن عنها في امبابه لزنها هتكون محتاجة الدعم..وكتبنا رقم التليفون الأرضي لبيت صديقتنا علي دراعاتنا عشان لو جرالنا حاجة يكلموها...نزلنا من العماره اتنين اتنين..أول اتنين نزلوا كان انا وواحده صحبتي ذات خبره شويه في المظاهرات...مزلنا لقينا بوكس بوليس في وشنا....كملنا طريقنا...وقررنا مش هنحذر العيال اللي فوق غير بعد مانوصل امبابه عشان لو البوكس دا جايلنا احنا اول اتنين هنتمسك...ولما اتنين يفلتوا احسن مانتمسك كلنا...الواحد بيفرق

وصلنا امبابه انا وصحبتي...عملنا نفسنا بندور في السوق على مفرش سرير لجواز عروسه...ونخش نقلب في مفارش السرير وده بكام لو سمحت...ووريني اللي هناك ده...وطبعا صحبتي ماعجبهاش ولا مفرش سرير...وبعد ساعه من اللف في السوق والناس عماله تبصلنا باستغراب ابتدينا نتخانق انا وهي خناقه حوالين ان ملعون ابو جوازتك دي يا شيخة مطلعه عيني بقالك ساعه علي مفرش سرير! مكانش مفرش سرير ده يختي!...وقفنا اشترينا كتابين من واحد بيبع كتب من علي الرصيف..وهي اشترت حرنكش...كانت نفسها هفاها علي حرنكش :D

شويه وشوفنا حد من المنظمين للمظاهرة...مشينا وراه لحد المسجد...فضلنا واقفين مستنينهم يخلصوا صلاه الجمعه...خلصت الصلاه وبدأ الهتاف...كنا حوالي خمسين واحد بالكتير...قعدنا نلف نهتف لما حسنا اتنبح...والناس واقفه علي الارصفه تتفرج علينا...لم نتعرض لمضايقات اطلاقا في امبابه...نهتف ونلف ونلف ونهتف...وانا وأبو الفضل عمالين نصرخ في الناس اللي واقفين عل يالرصيف: تعالوا...خايفين من إيه!...وازداد الحماس وتأجج الهتاف...كان معانا ولد هتيف برنس السنين...كان بيهتف هتافات عظيمه...وقفناش شويه في النص...مستنيين مظاهره امبابه المعلن عنها تنضم لينا...لقيناهم اتاخروا...وجالنا واحد من هناك بيقولنا المظاهرة متحاصره والأمن المركزي بيفشخها والعيال واقفين هناك بيدوحروا مع الأمن المركزي بيضربوا وينضربوا عشان مايوصلولناش...وكانت الرساله اخلعوا انتوا بالمظاهرة  واحنا معطلين الأمن المركزي هناك...انا كنت ماشي في ديل المظاهره ولحماس بالهتاف واخدني ومش مركزه في الأعداد...لد ما وصلنا لكوبري ناهيه...جايه بطلع الكوبري...لقيت اول صف بينزل من على أول الكوبري الناية التانيه...ببص ورايا لقيت المظاهره لس ممتده لحد ناصيه ورايا...بقيت واقف علي الكوبري بعيط...الناس نزلت يا فضل! الناس نزلت يا فضل! وأعيط وانا مبتسمه زي المجانين مش مصدقه حجم المظاهرة!

فضلنا ماشين لحد المهندسين...جينا نطلع كوبري اكتوبر من هناك...ضربوا علينا اول قنبلتين غاز...ماحسيتش بمشاكل الصراحة كان شه الغاز اللي بيترمي علينا ايام الكليه كنت بعدي من فوقه زي البخور ولا بيفرق معايا...دخلنا يمين من جوا المهندسين وفضل ناس كتير واقعين مننا عند الكوبري...والهتيف اللي معانا مابقاش معانا معرفش راح فين...عقبال ماوصلنا لنص المهندسين من جوا...لقيت مظاهره حجمها كبير جايه من عند مطلع الكوبري اللي افترقنا عنده...علي راسهم الولد الهتّيف اللي كان مزبطنا من أول اليوم...فرحت بيه أوي الولد ده وقعدت ادعيله...وكل ده وانا كنت فاكره انو يا كبدي احنا مظاهره صغيره...لحد ما وصلنا لعند كوبري قصر النيل...وببص ورايا مش شايفه آخر المظاهره......الناس وصلت لحد الشارع اللي فيه المصل واللقاح ومعرفش واقفين فين آخرهم...في السكه انضملنا حوالي مظاهرتين او تلاته...كل مظاهر بتنضم بتتقابل بالتصفير والهتاف...لحد ماوصلنا أول كوبري الجلاء عند قسم الدقي...ريحة الغاز في الارض كانت بشعه...العيال كانوا مشيليني علي ضهري شنطه صغيره فيها غاز وخل وميه وعصير وقطن اضافي غير اللي معاهم...شويه وانضمتلنا مظاهره جايه من ناحية الجيزة كده...قعدنا نزق وننضرب من الزمن المركزي لحد ماعدينا كوبري الجلاء ووصلنا لكوبري قصر النيل اللذي بدا منيعا يصعب اختراقه...انضرب علينا غاز ابشع من الأولاني...انا عندي حساسية من الفلفل لو حرّاق...بعد اول قنبله غاز لساني التهب في ظرف ٣ دقايق حسيت بالالتهاب داخل على الحلق وابتديت اتنفس بضعوبه...واحنا ماشيين قابلنا واحد ماشي لوحده...انا معرفوش...قلناله يمشي معانا مايمشي لوحده عشان مايجرالوش حاجة يمشي في مجموعة أفضل...لما تعبت احتجت اجري علي صيدليه والولد ده جه معايا وبقيه صحابي كملوا

روحت الصيدليه اخدت دوا الحساسية...والصيدلاني قالي اشربي لبن عشان يهدي الالتهاب اسرع مع الدوا...وانا مابطيقش اللبن...بس شربت علبه لبن صغيره بالكامل لأول مرة في حياتي...كلمت ابويا اخدت منه رقم عمي اللي ساكن في الدقي عشان لو احتجت ابات عنده...ابويا ماسألنيش ايه اللي نزلني...وماسألنيش اذا كنت في المظاهره ولا لأ...وكذلك عمي...ومجابوش سيره لحد...في تضامن خفي مش عارفه ولا هم ماجاش في بالهم اني نازله المظاهره بمزاجي وفهموا اني اتحشرت بالصدفه...المهم رتبت مع عمي اني ممكن ابات عنده بالليل لو ماعرفتش اروح...الولد اللي كان معايا اسمه أمير زكي...شويه وانضملنا اتنين يعرف واحد فيهم اسمه معاذ...وفضلت لحد آخر اليوم انا وأمير ومعاذ وواحد صاحب معاذ...كانت زل مره في حياتي اقابلهم...صليت المغرب قاعده علي الرصيف...بساعد الناس التعبانه من الغاز بالحاجة اللي معايا....القطره والخل والبيبسي...مكناش عارفني نوصل لقدام ول اعارفين ايه بيحصل قدام...بعدين قصر النيل اتفتح...طلعت اجري ف الشاع اصرخ في الناس علي الميداااااااااان قصر النيل اتفتح...كله علي الميدااااااااااااااان

ابتدينا نتقدم لقدام وريحة الغاز مبهدلانا...وعيني كانت هتتفرتك لأني عندي مشاكل في القنوات الدمعيه الدموع مش بتنزل بسهوله فاستعضت عن دموعي بالقطره لحد اما اتعودت عليها...وقنابل الغاز بتطير يمين وشمال والشغل كله نواحي المجمع طالع من هناك كافه انواع الرصاص اللي اعرفها واللي ماعرفهاش...فضلنا نكر ونفر...ونطلع لقدام ونرجع لورى والناس عامله نباتشيات بشكل تلقائي...كل حبه بيروحوا يريحوا لما يلاقوا مجموعه كبيره راجعه ترتاح تسيب اللي فإيدها وتقوم تسد مكانها...بدون اتفاق...وكلهم مايعرفوش بعض...بعد ما شوفت المنظر كان عندي قناعة تامه ان صحابي اللي كاناومعايا الصبح ماتوا...لحد اما اقبلت اول حد فيهم...شاهر عياد...اتطمنت عليه انه عايش وانه شاف اتنين من زمايلنا اللي كانوا معانا الصبح...بعدها بشوي قابلت المصري...وطمني علي بقية الشباب...كله بخير وكله كويس...البنات روحت والولاد راحوا يوصلوهم...كله بخير وكله عايش والحمد لله

فضلت واقفه في المنطقه اللي على اول كوبري قصر النيل من ناحية التحرير حوالي ٣ ساعات...مش عارفه اتحرك لقدام اكتر من كده عشان كل ماجي داخله الاي ناس جايه متبهدله منا لغاز مش شايفه وماشيه تحسس...معاذ وصاحبه يمسكوهم...احطلهم قطره...واحطلهم خل في الكوفيه...اول ما يلاقوا نفسهم شايفين...بيرجعوا تاني! من غير ما ياخدوا حتي نفسهم!...شوفت كافه اطياف البشر...مسلمين ومسيحيين...اغنيا وفقرا...شيوعيين وليبراليين وغير مسيسين اصلا...كل حاجة...ناس اعرفهم وناس معرفهمش...شوفت ناس كتير اوي كنت بحطلهم قطرا وخل...وكلهم بيتدوروا ويرجعوا علي مكان الضرب ماحدش فهيم كان بيروح ولا بيمشي...وأول ما يتضرب علينا غاز والاقي ناس بتجري من علي كوبري قصر النيل الاقي مافيش حاجة تستدعي الفرار اقف انده عليهم: ارجاااااااااااااع....ارجاااااااااااااااااااع...يقفوا...يبصوا وراهم...يلاقوا بنت واقفه بتقولهم ارجع...يقوموا راجعين تاني جري...وكان واقف ورايا حوالي ٥ بنات اخوانيات كل ماقول ارجع الاقيهم واقفين بيغنوا علي صقفه واحدة: اللي عايز التحرير ما يسيبش ميدان التحرير...وانا اصرخ ارجع ارجع...والناس ترجع..وتروح عند المجمع...وماشوفهمش تاني...الحه اللي عند شارع القصري العيني ووري المجمع كانت ساحة وغي...ماعرفتش اشوفها...مكنتش عارف اوصل خناك عشان كان في ناس كتير اوي محتاجة خل وبيبسي وقطره...
 
شوي وقالونا في حظر تجول والجيش نازل والقلش ده كله...كنا بنسمع وقتها ان في خلافات مابين الجيش والحكومه عن كيفيه إدارة الموقف...ان بيتقال في التليفزيون الكلام ده...وكان في كلام يادر كده ان الجيش رافض يضرب نار ورافض يتحرك غير لما سامي عنان يرجع من امريكا...قلنا برده مش هنمشي بلا حظر تجول بلا بطيخ...اول دفعه ععربيات جيش نزلت كانت مدرعه وعربيتين جيب...هللنا وقعنا نهتف الله اكبر والجيش نزل بعد ساعات من المناديه واحد اتنين الجيش المصري فين...اكتشفنا ان العربيات اللي نزلت من الجيش كانت بتدخل ذخيرة للأمن المركزي عشان يضربونا! اتجننا! العيال حرقوا عربيه جيب...ومدرعه جيش...ومنعوا عربيات الاسعاف عشان هي كمان كانت بتدخل ذخيره وقنابل غاز للأمن المركزي...
 
 
لما التعب هدني...وانا علي رجلي من ١٠ الصبح...والساه وقتها كانت عدت عشره بالليل...معاذ كان عايز يصلي العشا...وقف يصلي وانا وامير قعدنا علي الرض...انا فردت طولي ونمت...والغاز معب يالدنيا....والناس بتجري من فوقيا عادي جدا :D

شويه والعيال صحوني عشان يشوفولي حته انام فيها...ونا كنت عايزه ادخل الحمام...قلت هدخل الحمام في هشام مبارك وارجع تاني علي الميدان...حولنا ندور في السكه علي مكان فيه حمام...مالقيناش...فاطرينا نوصل لهشام مبارك...في السكه...كان في مبنى كده مش عارفه هيئة إيه...العال قالولي حاولي تدخلي الحمام هناك...حاولوا يمسكونا...مكناش عارفين هم عايزي يسلمونا ول اعايزين يعملوا فينا ايه...بس جرينا....وطلعوا ورانا بس كانوا بكروش ماعرفوش يجروا ورانا الحمد لله...كنا ماشيين في طلعت حرب...قمة الشعور بالطمأنينه والشوارع خالية من الداخلية...كنت ماشية أغني: الشارع لنا...إحنا لوحدنا...والناس التانيين..دول مش مننا

كانت خلاص الأمور هديت والداخلية اختفت..وانا في السكه لهشام مبارك قابلت خالد عبدالحميد واحمد غربيه...كنت بتنطط من السعادة انهم لسه عايشين....كانوا هم كمان مبسوطين...كلنا كنا مبسوطين بالرغم من اللي شوفناه...وصلت هشام مبارك...دخلت الحمام...ورجلي كانت متفرتكه..العيال قالولي هننزل نجيب اكل وراجعين...وقبل ما ينزلوا قالولي خلكي هنا نامي واحنا هننزل ونجيلك الصبح...انا كنت مت خلاص ومش قادره اتحرك والضرب كان وقف فقولتلهم ماشي...الصبح نتقابل

1 comment:

fateimad said...

المغامره في اليوم ده كانت اقوي يوم من اول الثوره ماقامت حقيقي تعبتوا كتير وماحدش حاسس تعبتوا اد ايه وفي الآخر بيقولوا ضرس ملخلخ وسابوكوا تخلعوه واتاريه كان جدر مجدر ورابط نفسه في البلد بجيش وامن مركزي وامن دوله ووووالحمد لله علي سلامه اللي عاشوا وربنا يسكن اللي استشهدوا فسيح جناته