من يوم ٢٠ يناير تقريبا كان عندي تخوف شديد من يوم ٢٥ يناير لأنه مكانش مفهوم بالنسبالي ايه اللي هيحصل فيه...فقررت اني هحتفل بعيد ميلادي ٣ أيام على التوالي لزني مكنتش عارفه ايه اللي هيحصل...أهو تبقى آخر ذكرياتي حاجة مبهجة...وقد كان واحتفلت بيه ٢١ و ٢٢ و٢٣ يناير...يوم ٢٤ كنت بغلي خلاص من تجاهل الحكومه وصمتها الرهيب أمام الحالات المتكررة للانتحار حرقا
عمري مانزلت مظاهرات...وكنت بتريق علي مظاهرات الإخوان بتاعه فلسطين وانا في الجامعه...مكنتش بفهم يعني ايه بيقولوا يا فلسطين يا فلسطين ونص سكان مصر مش لاقيين اللضا...عشان تحرروا فلسطين لازم تحرروا مصر الأول مش تهتفوا داخل اسوار الجامعه يا فلسطين...وأيام حرب العراق كان نفسي اروح هناك اتطوع...لحد اما الهلال الأحمر فتحوا باب التطوع...كنت عايزه اتطوع كحائط بشري حتى مش فارقه...اموت هناك احسن ماعيش هنا في القرف ده...مع اني كنت ضد السفر بره مصر تماما...حتى بعد ماتخرجت لما دكتور عندي في الجامعه حاول يقنعني اني اسافر بره اكمل تعليمي...قلتله لو ماعرفتش اتعلم هنا زي بره يبقي مالوش عازه العلام ده..هطلع بره اعمل ايه؟ قرشين لنفسي؟ طيب وبقية الناس اللي مش قادره تسافر؟
عمري ماكنت مناضلة سياسي...وبطلت اقرا جرايد من سن عشر سنين تقريبا...وبطلت اتفرج علي أخبار عشان كنت بتعب نفسيا من كتر الملل...وتكرار النصب العلني...بطلت اتفرج علي تليفيزيون خالص من الإعدادية تريبا وبقيت اسمع البرنامج الثقافي والبرنامج الموسيقي في الراديو...بس كنت واعيه تماما لكل القرف اللي حوالينا...ولما كملت ١٦ سنه كنت عايزه اطلع بطاقه عشان اقدر اطلع بطاقه انتخابيه واختار عضو في مجلس الشعب بدل سيد مشعل اللي بيكسب كل سنه بالغصب...أبويا صدمني يومها في مشاعري...وشرحلي عملية التزوير...كان أول مره أحس اني عديمه القيمه في البلد دي....عشان مش من حقي اختار البقف اللي بيتكلم بلساني في مجلس الشعب...وكان تاني قفا اخدته لما اكتشفت ان حسني مبارك هيمسك بعده جمال مبارك...ولما سألت ابويا طب واحنا هنسكت؟ قالي هنعمل ايه؟ قلتله ماعرفش...وسكت...وطال السكات...
بعد ماتخرجت من الجامعة واشتغلت ابتديت اتعرف علي ناس ليها نشاطات سياسيه...بس انا مكنتش مع اي حد منهم...عشا انا مش في الاتجاه السياسي بتاع اي حد منهم...ولأني كنت بخاف على أبويا...أبويا معتقل سياسي قديم من أيام عبد الناصر هو وعمي اللي من سنه...ولحد من ٣ او ٤ سنين فاتوا كانوا بيستعدوا عمي كل سنه لأمن الدوله مره في السنه يشربوا معاه شاي ويروحوه بيته معزز مكرم...بس الشده دي في حد ذاتها سخيفه...مكانوش صحيح بيجيبوه من البيت...كانوا بيستدعوه...بس انا مكنتش بحب ده أبدا...كنت ببقي مستفزه جدا من الموقف...ومكنتش عايزه ابويا يتعرض لده...ولا هو كان عايز...عشان كده ماكنتش بحب ادخل في حاجة ممكن تخليهم يستعدوا أبويا ولو نص ساعه يشربوا معاه شاي
يوم فض اعتصام القضاه كان اول غضب عارم احس بيه...واول شعور مباشر بالمهانة...ازاي القضاه يتعلم فيهم كده! يعني ايه قاضي يتضرب! مكانش مفهوم أبدا بالنسبالي ولا مقبول علي الإطلاق...كنت وقتها كمان خايفه جدا علي صحابي اللي هناك في الاعتصام...واتقبض فعلا علي ناس منهم...كانت حاجة تقرف وظلم صارخ علي كل المستويات
يوم اضراب سته ابريل انا مكنتش
مقتنعه ان في حاجة هتحصل...الجو بالرغم من كده كان مشحون جدا...وكنت قلقانه
اوي علي الناس...ا مكانش فارق معايا...بس كنت خايفه عل يصحابي...كان في
عدد غير طبيعي من عربيات الأمن المركزي عند جامعه القاهره شوفته وانا رايحة
الشغل...يومها قررت امشي من الجيزه لحد شغلي في الدقي عشان اتفقد
الأوضاع...عقبال ما وصلت الشغل كانوا ابتدوا يقبضوا علي الناس اللي معديه
من عند الجامعه ويوقفوهم يسألوهم علي بطايقهم...على بالليل كانت الدنيا
ولعت في المحلة...وكنت سعيده بيهم أوي وهم بيقطعوا صور حسني مبارك..كنت
فخوره أوي يومها بجذوري المحلاوية حيث ان امي من المحلة...وكنت سعيده ان كل
ده حصل في ميدان الشون..أكبر ميدان في المحلة :)
الانتخابات الأخيره قبل ٢٠١١ كنت عايشه لوحدي...وكنت مذهولة ان الناس سكتت على التزوير الفج بالمنظر ده...كان عندي احباط غير عادي...على شهر يوليه ٢٠١١ كنت قاعده بتكلم مع واحد زميل ليا من أيام الكليه هنضرشق من جنابنا...البلد وصلت للقاع في كل حاجة...الناس والأكل والرب والخدمات وكافة شيء...وماكناش عارفين ازاي كل ده هيتحل...كان آخر كلامنا اني قلتله ماينفعش الأمور تفضل كده...أكيد في حاجة هتحصل...لازم في حاجة تحصل...منطق الحياة بيقول كده...بعدها بفتره قليله عملت صورة البروفايل بتاعتي علي الفيس بوك علم مصر مكتوب عليه بح...كله يروح بيته...كنايه عن ان معادش في بلد خلاص...مافيش دولة...وقد كان :)
آخر كام يوم قبل ٢٥ يناير كان ف يفلايرات بتتوزع في دار السلام وشبرا بتدعو ليوم ٢٥...وكنت مرعوبه تماما من الفكره...انها تتحول لثورة جياع تنزل تكسر وتسرق وتنهب وتروح بيوتها وخلاص على كده كان نفسي الناس من كافه الطبقات تنزل..مش سكان المناطق الفقيره فقط...يوم ٢٤ كنت مقرره ان لو الناس نزلت من بيوتها انا هنزل معاهم أيا كانت التداعيات...وزي ما هيعملوا هعمل...حتي لو سكان المناطق الفقيره بس هم اللي نزلوا برده هنزل معاهم...دول اللي انا مستنياهم طولعمري ينزلوا الشارع يهتفوا عشان انزل معاهم...مش المسيسين...وكنت حالفه ان لو حصل زي كل مره نزل خمسين ولا ١٠٠ واحد يهتفوا علي سلم النقابه يتضربوا ويروحوا المغرب اني مش هقعد في البلد دي تاني لأن شعبها مايستحقش يعيش عيشة كريمة ولا يستحق اني افضل عايشه معاه
يوم ٢٥ كان عندي شغل...كانت البنت اللي بتراجع المجله لغويا جايه تخلص شغلها ولاز اكون قاعده معاها لحد ماتخلص...أول مظاهره نزلت لسه فاكره تعليق مالك مصطفى عليها: ايه ده! ايه المظاهره دي مين طلعها! دي مكانش مترتب ليها!...اعتها انشكحت اوي وعرفت ان خلاص...الشعب نازل يقف في وش السلطة...وقومت زي الباروده بلف في المكتب وبنط علي كتاف البنت عشان تخلص عشان انزل...الكلام ده في دخلة مديري ودار بينا الحوار التالي
بيقولي هتنزلي تروحي فين!
التحرير الناس متجهه علي هناك
هتنزلي تعملي ايه؟
ماعرفش...زي ما هيعملوا هعمل
انتي مجنونه! افرضي اتضربتي عصايه ولا شومه علي دماغك واتعورتي ولا اتكسرتي؟
هم يعني اللي هيتضربوا ويتعوروا دول انا احسن منهم؟ انا نازله وسط الناس واللي يجرى علهيم يجري عليا!
بلاش جنان انتي مافكيش نفس للكلام ده
خلاص مش هنزل معاهم هنزل اتفرج
تتفرجي علي ايه؟
هتفرج على الناس بتعمل ايه في التحرير
يابنتي بلاش هبل هتاخدي في الرجلين!
طب خلاص هنزل أجيب بسبوسه من عند العبد أجيبلك معايا؟
كانت النتيجة انه اتشل مني ومشي :D...شويه والبنت خلصت...وانا كنت قاعده عامله وحدة اخباره علي الفيس بوك وتويتر...كنت اعرف ناس كتير ثقات في مناطق متفرقه بيكتبوا علي تويتر اللي بيحصل وانا عماله انقل الاخبار للفيس بوك...وعماله اصحح اي معلومه غلط بلاقيها في اي حته...لحد ما لقيت ان هشام مبارك طالبين معونه غذائية للناس اللي في التحرير لزوم الإعاشه...خدت العنوان وخلصت شغلي وروحت البيت
امي كلمتني ولا تلاتين مره يومها عايزه تطمن...اقولها يا ستي مدينه نصر سيس مافهاش حاجة دول عالم صايصه ماتقلقيش انا كويسه وهخلص شغلي واروح...قالتلي طيب كلميني لما تروحي...انا كنت مقرره النزول للتحرير بأي تمن...وكان قدامي حاجة منا لاتنين...يا اقول لأمي ونقعد نتخانق في التليفون وانزل...يا اما ماقلوش لحد خالص وانزل من سكات...فلقيت انه الافضل اني انزل من سكات...روحت البيت غيرت هدومي...ولبست هدوم تدفي كفاية عشان لو الوقت اتأخر لحد بالليل..وركنت الشنطه بتاعتي ولبست كوتشي واخدت شنطه وسط فيها المستلزمات الزوليه...شاحن عشان لو بيت في الشارع...ادويه القولون والحساسية...البطاقه عشان لو مت يلاقوا عنوا يودوا عليه الجثة...وخدت كل الفلوس اللي حيلتي ونزلت علي هشام مبارك
جيبت كل الأكل اللي ربنا قدرني عليه ومكنتش قادره اشيله حتى ان كم مهول من سندوتشات الفول والطعمية..البواب شالهم وطلعهم...وانا دخلت عرفتهم بنفسي وفضل قاعده...قلتلهم عايزه اتطوع اساعد ف ياي حاجة...قالولي خلكي قاعده ولما تلاقي حاجة ممكن تعمليها اعمليها...فضلت قاعده...وكنت ابتديت ازهق...اتعرفت علي كام حد من هناك...لحد اما جه معاد فض المظاهرات...وبدأت اللوثه العقلية...اللي جاي متعور...واللي جاي صوته رايح...وكم غير طبيعي من التليفونات عن معتقلين ومفقودين...كنت بعمل اللي اقدر عليه حتى ولو كان اني اعمل للناس شاي وينسون عشان زورهم واطهر الجروح السطحية...كان الشاش والقطن خلصانين...نزلت حطيت آخر فلوس معايا جيبت بيهم قطن وشاش من الصيدلية...مديري كلمني وانا ف يالشارع ساعتها...قالي تخصلي وتروحي علي طول ماتتجننيش وتنزلي التحرير...قتله حاضر...قفلت السكه وطلعت هشام مبارك تاني اديتهم الحاجة وفضل اساعد باللي ربنا يقدرني عليه
لحد الساعه ٦ الصبح كان بيجيلنا ناس لسه كانت بتجري من الأمن المركزي..نضفت ونمت ساعتين عشان اروح الشغل
No comments:
Post a Comment