بالرغم من اني متأقلمه جدا مع فراق الشهدا...بس مابعرفش اتأقلم مع أوضاع المصابي...عادي جدا بالنسبالي ماهواش شيء مرعب اني اقعد جنب جثة أي حد علي السرير اقراله ربع يس...مش بخاف من الجثث....ومش بفهم الناس ليه بتخاف من جثث الناس اللي يعرفوهم...اللي بيوجعوا قلبي بقي المصابين...دول مش بقدر احط عيني في عينهم بالذات لو اصابه عامله عاهه زي فقد العين مثلا...بستخبى منهم
أول حد افتكر استخبيت منه كان أحمد حراره...مكنتش اعرف أصلا ولا أعرف اسمه...أول مره شوفته كان يوم وقفه خالد سعيد عند وزاره الداخلية وهو حاطط غمامه معدن علي عين من عينيه مكتوب عليها بخط عربي مزخرف ٢٨ يناير...فهمت...واتخرست...وماقدرتش ابصله...دايما بخاف يفهموا ابتسامتي الخجلانه من عافيتي على انها شفقة ويتضايقوا...فاستخبيت منه...شوفته بعدها كذا مره في تويت ندوه وفي الميدان...كنت بحترم جدا إصراره على التواجد في كل وقت حتى أول تويت ندوه كان هناك ولما عدى من جنبي حطيت وشي في الأرض
يوم ٢٨ يونيه لما حصل الهبل بتاع مسرح البالون واللبش في محمد محمود انا كنت في بيتنا...كان عندي برد وكانت حرارتي بتاع ٣٩...لما بدأ الضرب وقعدت اتابع...اتجننت من اللي بيحصل ودمي اتحرق...التليفيزيون بيقول كلام زي الزفت...واالتايم لاين بتاع تويتر يجيب الهم...فابتدا قولوني ينتفخ...فكان قدامي حاجة من الاتنين.... يا إما اقعد في البيت والبس أزمة قولون اقعد اتلوي منها مش عارفه حتي اروح المستشفى...يا إما انزل وانا سخنه واللي يحصل يحصل...مكالمة خالد عبد الحميد لريم ماجد وهو بيصرخ من ميدان طلعت حرب حسمت الأمر بالنسبالي...خالد مش انفعالي وصعب جدا انه يصرخ بالمنظر ده إلا إذا في كارثه فعلا...فقررت في ساعتها اني هنزل واللي يحصل يحصل...انزل اموت مع الناس دي ولو بارتفاع درجة الحرارة احسن ماموت بالحسرة وحرقة الدم في البيت...ماكدبتش خبر ونزلت بعد ما خدت دوا للحراره ودوا للحساسيه عشان الغاز
طول الليل كر وفر لحد أما رجعناهم لنص محمد محمود وبرده مش بيمشوا....صبح الصبح علينا واحنا لسه هناك....وفي وسط الزحمه وانا خارجه وداخلة لقيت أحمد حرارة داخل...اتسمرت في مكاني ووقفت أعيط: المصابين لسه بينزلوا وناس بصحتها قاعده في البيت تتفرج علينا في النشره وتصدق اي قرف بيتقالهم وآخرهم يمصمصوا شفايفهم على حالنا...كنت خايفه عليه...بس مش قادره افتح بقي معاه بنص كلمه
آخر مره شوفت فيها أحمد حرارة كان يوم جنازة مينا دانيال بعد ما وصلنا الميدان...وانا مروحة عدينا من قدامه كان فك العصابه من على عينه ومعاه ناس اعرفهم...كان قلبه موجوع أوي وهو بيتكلم معانا واحنا بنتناقش في اللي بيحصل وكلنا هنطق من جنابنا...حاولت اديلهم انا وصاحبتي أي أمل ولو كذاب...اتكسفت اسأله عن حال عينه...وشوشنا لبعض كانت مألوفه بحكم اننا اتكعبلنا في بعض كتير...كل اللي عرفته يومها ان اسمه أحمد
يوم فض الاعتصام اللي اتصاب فيه مالك مصطفى للمرة الأولى...واتصاب فيه أحمد حرارة للمرة التانية...لقيت الناس بتصرخ عشان أحمد حرارة...قعدت اسأل مين أحمد حرارة...فاكتشفت الفاجعة: الولد اللي كان بيربط غمامه معدن علي عين من عينيه مكتوب عليها بخط عربي مزخرف ٢٨ يناير!!!!!
لغاية النهاردة انا خايفه اتكعبل في أحمد حرارة بالصدفه...ومش قادره اشوفله اي حلقه من اللي اتكلم فيهم على التليفيزيون...كل اللي بيني وبين أحمد ألفة الوجوه مش أكتر...الذعر بالنسبالي دلوقت اني لو قابلت أحمد مش هبقى عارفه أقوله انا مين! لأنه خلاص...مش هيقدر تاني يميز وشي اللي كان بالنسباله وجه مألوف...لو قابلت أحمد حرارة في مكان تاني بالصدفة انا ممكن انصهر في مكاني لأني مش هبقي عارفه أقوله ايه! هقوله أنا واحده من اللي انت كنت بتشوفهم كتير بس دلوقت خلاص مش هتقدر تشوفها تاني؟! حتى الونس بالوجوه المألوفه حرموه منها! الكلام أخرس قدام موقف زي ده!
3 comments:
ماتقوليش حاجه هو حايتونس بيكي وربنا حايحد له سمعه يميز بيه صوتك من صوت غيرك هوه انا ماكنتش اعرفه وشفته يارب يقدره ع الصبر علي الابتلاء وان شاء الله يكون له مخرج واجر فقد حبيبتيه (عينيه) ولله في خلقه شئون ده فضل من ربنا يارب تقدره علي تلقي فضلك بايمان وروح ويارب نجح ثورتنا لجل خاطر كل مصاب ياخد حقه في الحياه الحره الكريمه ادعي ربنا ده اللي مات فعلا ارتاح ان شاء الله بالشهاده وعقبال ربنا مايريحنا كلنا ببلد حر
خجلانة من عافيتى ........ هو ده بالضبط اللى بحس بيه بس مش بعرف اوصفه شكراً امينة
ماخترتش اني أبقى حي ... ولا اللي مات قرر يموت
لكن بايدي أعيش شبه الغراب الأخرس اذا اخترت السكوت
Post a Comment