27 Aug 2007

خلق الله لها قلب من اربعة غرف... احداهم تمتلىء سكر وأخرى تمتلىء عنبر وثالثة تكتظ بالفراشات ورابعة فارغة... وخلق لها ايضا أنف كبير ليستطيع تحمل ثقل النظارات الطبية الضخمة التى ترتديها... ثم سكب فى عينيها كمية لابأس بها من الحزن...
--------------------------------------
عندما قرأ لها احد العرافين الكف أخبرها بأنها تخبىء فراشات قلبها خلف الكثير من اسوار القوة المصطنعة... ولكنه لم يخبرها ان وجنتيها ستحمران -بالرغم من صفرتهما- عندما يسألها احد "إزيك يا سكر" بالرغم من انها ايضا تعلم انه يناديها "يا سكر" لأنه يشفق من مناداتها باسمها الذى لا يتماشى مع لمعة عينيها عندما تتقاز فرحا وهى تسأله "إزيك ياعمو" وتمنحة ابتسامة تضىء عينيها الحزينتين... ولم يخبرها ان قلبها سيتوقف عن الخفقان ولا بأن السكر سيذوب فى العنبر ويمتزج بريقها عندما يناديها -هو تحديدا- "ياسكر" بالرغم من انها تعلم انه لا يعنيها ولكنه -ربما- يرغب فى اضفاء بعض البهجة على ملامح وجهها الحزينة فقط ليتسلى بابتسامتها الطروب
--------------------------------------
تٌقصَد الواحات للراحة والظل والزاد... ثم الرحيل... ليس للواحات اكثر من الونس المؤقت... ثم الفراق
--------------------------------------
لم تخبر احد ان غرفة قلبها الرابعة يملأها الله احيانا بفيض من أحد صفاته فتنتقم للأحبة او تمنحهم الحنان... ولكن الجميع يعلم عندما يطأ الشيطان فى الغرفة الرابعة... فصراخها الغاضب حينها كفيل بأن يصم آذان العالمين
--------------------------------------
وحدهم الأطفال يرتعون فى غرف قلبها الاربعة فيأكلون السكر ويتعطرون بالعنبر ويطاردون الفراشات... وحدهم الأطفال يتغاضون عن كبر انفها وعرض جبهتها المبالغ فيه... وحدهم الاطفال يأخذون ما سكب الله من فضله فى غرفة قلبها الرابعه... فالود لهم... والرحمة لهم... والحب لهم... وكل شىء لهم... أما العابرون -وحدهم- فيأخذون ما يفيض، ولهم المساحة مابين الكف والكتف للبكاء والنوم... ثم الرحيل... وهو... وحده يستلقى فيما بين الكتف والكتف لتطعمه الحواديت وعناقيد العنب وتمسح على جبينه بحنان انسكب فى قلبها ففاض حتى سال من كفها على جبينه فعطره بالعنبر... هو يعلم انه عندما يمل الحواديت سيرحل، ولكن دون أن يذبحها كشهريار... هى ايضا تعلم وتتمنى على الله لو أنه يذبحها كشهريار قبل ان يرحل... فبالرغم من انها اعتادت الفراق الا انها تفضل الذبح على الفراق...
--------------------------------------
أبدا لا تخبره بأن انفها المزكوم لا يميز سوى رائحة الفل والياسمين ورائحته... أما هو فيخبرها بانه ليس مستعدا بعد للبقاء فهو بعد لا يعلم شيئا عن نفسه... وربما ايضا لا يرغب ولكنه لا يخبرها... وهى غير مستعدة لتقبّل الرحيل، وهو لا يعلم... تود لو ترجوه ان يبقى قليلا لتخبره انها رأت فى قلبه فرس يحب السكر، وبأنها ترى خلف الحيرة التى تملأ عينيه، وبأنها له من الكتف للكتف ومن الرأس للقدم... ولكنها أبدا لا تفعل... اما هو، فيرحل ليبحث عن اخرى تحمل فى قلبها سكر للفرس فى قلبه ليستلقى فيما بين كتفيها لتطعمه الحواديت وعناقيد العنب وتمسح على جبينه بحنان انسكب فى قلبها ففاض حتى سال من كفها على جبينه فيعطره بالعنبر، ثم ترجوه ان يبقى قليلا لتخبره انها رأت فى قلبه فرس يحب السكر، وبأنها ترى خلف الحيرة التى تملأ عينيه، وبأنها له من الكتف للكتف ومن الرأس للقدم، وبأن انفها المزكوم لا يميز سوى رائحة الفل والياسمين ورائحته... فيحملها بين عينيه ويمضى...