16 May 2020

امرأة ليس لديها ما تخفيه...تأتيك بقلب مفتوح وذهن حاضر هي امرأة خطرة جدا...تتقن الكذب وتجيد كافة أنواع الحيل وفي كل لحظة تختار ألا تمارس أي من ذلك...هي امرأة خطرة جدا...لن تجديك نفعا أسوارك السبعة وحصونك الثلاثة...تلك عشرة كاملة...محصلتها ١ غير صحيح لا يستقيم أمام ابتسامتها الواثقة فاركض...اهرب إلى أقصى أركان الأرض...وإن استطعت...تبخر
ولتعلم أنك أينما ذهبت فكل دروبك تؤدي إليها...وأينما حللت فمرقدك كفيها...ستطاردك صورتها كلعنة فمصيرك مربوط بعينيها...فاغمض عينيك ماشئت...واغلق فؤادك ماشئت...وانفر واغضب واهرب وارغ وأزبد حتى ينهكك التعب او تهلك...او فلترفع أكف الضراعة إلى السماء كي تمنحك جسارة الوقوف بين يديها

15 Mar 2020

عطر الياسمين

 عند اكتمالي...سقطت في قلبي ياسمينه...أرعاها وتؤنسني بعطرها الودود...سقطت من شجرة في عالم آلفه ويعرفني خلف عينين صافيتين بلون العسل...أسفل تلك الشجرة من ألف عام حفرت لنفسي قبرا وزرعتها فوقه في سهل أسكنه...لا يشاركني  فيه سوى فرس أسود مجنح ذو غرة بيضاء...امتطيه لأجول الأرض والسماء...وعندما أتعب...يحملني إلى كوخي الخشبي الذي لا تنطفيء نار موقده أبدا...وعندما يتعب...أملأ له كفي من قلبي بالسكر وأطعمه حتى يشبع...وحين يجن الليل...يحملني إلى سفح الجبل لأناجي ربي...أضرع إليه أن يقدر لي هذه المرة راحة في تلك الأرض لتكون موطني الأخير كما كانت موطني الأول...أدعوه ألا ينتشلني أحد من هنا أبدا ولا حتى كفه الحاني...كف احتوى آلام سنوات عمره الألف...وعجز عن حمل فؤادي المرتجف

3 Mar 2020

لم يفضلني الله عن أحد...ولم يفضل الله عني أحد...في المنح والمنع...لم يميزني عن أحد...ولم يميز عني أحد...في المنح والمنع...مثلي كمثل سائر خلقه...لم يعطني فوق ما أعطاهم...ولم يعطهم فوق ما أعطاني...لم يمنع عني أكثر مما منع عنهم...ولم يمنع عنهم أكثر مما منع عني...مثلنا كمثل الآخر في الكم...ونختلف في الكيف وطبيعة الممنوح والممنوع...فمن نظر إلى ما في كفه وشكر، رضى وقنع...ومن نظر إلى ماليس في كفه وماصبر، بطر وخسر

10 Apr 2018

هي...والثقب الأسود


في كل ليلة...عندما يظهر القمر تختلي بنفسها لتتفحّص قبحها مليّا أمام المرآة...فهي امرأة ترى نفسها بعيني من عيّروها في طفولتها بكلّ ما لا يروق لهم في خلقتها...خلفت المعيّرات ندوبا في صدرها...وتراصت...ندبة إلى جوار الندبة...تلاحمت...حتى صارت ثقب أسود في منتصف الصدر تماما...ثقب أسود يبتلع كل شعور آخر...وينفث غضب...فقط غضب

تلقي نظره أخيرة على بشرة وجهها الخمريّة وعينيها الناعستين فيتمدد الثقب الأسود ويضيق النفس...تصطنع ابتسامه...تلتقط لنفسها صورة "سيلفي" وتبثّها عبر حسابها الشخصي على فيس بوك بحثا عن الونس...تأتيها بعض الإطراءات تعليقا على الصورة...يخبرها الغضب القادم من الثقب الأسود أنها مجاملات...كذب...يذكرها بأنها قبيحة ذات أنف كبير وأسنان بارزة وشعر مجعد وجسد ذكوري لا يستحق الإطراء...تواري جسدها الوحيد تحت الأغطية الثقيلة لتختبيء من الكذب المطبوع أسفل صورتها...تتحدّر دمعتين على وجنتيها...فهم يعلمون أنّها قبيحة...تغلق عينيها طلبا للنوم أو الموت...فيتأخر الأول...ولا يأت الثاني

في تلك الليلة تحلم بإحدى رفيقات الخيبات العاطفية المتوالية...رأتها تبتسم...

خلال سنوات عمرها التي تجاوزت الثلاثين بقليل لم يخبرها أحد بأنها ليست قبيحة كما تظن...ولا أنها صالحة للصداقة ولا للحب...بينما يدفعها الثقب الأسود نحو كل علاقة تعامل فيها كممسحة أحذية...ولأنه يخبرها أن هذا ماتستحق فهي تستسلم تماما لاختياراتها السيئة بلا تردد...بلا ندم...فهي تعلم أن هذا هو ما تستحق

لم تعلم أبدا سر ابتسامة صديقتها بالرغم من قلة حظها في كل شيء...فهي غير مشهود لها بالجمال...ولم تحصل على أفضل درجات علمية...ولم تترق إلى مناصب عليا في مجال عملها...ولم تنجح في الحصول على زوج مناسب حتى الآن...ولكنها تبتسم...دوما تبتسم ابتسامة واثقة...غير عابئة بعثرات الحياة وخساراتها المتتالية...برغم قسوة الحياة...تبتسم...وكأنها لا تنزعج من الوحدة وتأخر الزواج...ربما هي تعلم سر ما عن مستقبلها...أو لديها يقين بأن هناك جائزة ما تنتظرها في النهاية

عندما تخبرها صديقتها أنها ستتزوج قريبا تشعر بالانتصار...فمصيرها يمكن أن يتغير هي الأخرى...فابتهجت

أخذت ترسم أحلاما وأمنيات عن ليلة زفافها حتى داهمها منتصف الليل وغلبها النعاس فنامت... أثناء النوم رأت صديقتها في ثوب الزفاف تبتسم...

استيقظت بطنين في رأسها...فالثقب الأسود لم يتوقف عن الكلام طوال الليل...يخبرها بأن صديقتها بائسة مثلها تماما...وأنه لا يحق لها تغيير مصيرها...فهي مثلها خلقت للتعاسة...والوحدة...وأن صديقتها يجب أن تكف عن الابتسام...فهي مثلها لا تستحق السعادة

مع آخر رشفة من فنجال قهوتها الصباحية تكتمل خطتها الجهنمية لإفشال العرس...لشهرين متتاليين -هما مدة التحضير للزفاف- لم تكف عن نشر الأكاذيب حول صديقتها في كل مكان...حاولت الإيقاع بين صديقتها وبين كل من تعرف...وفي النهاية...فشلت خطتها الجهنمية...وتزوجت الصديقة...وصارت هي أكثر وحدة

أفزعتها في الصباح التالي صورة صديقتها الملتقطة للتو...بنفس الابتسامة اللعينة! كيف تغلبت على مصيرها! كيف هربت من الوحدة! تعالى في رأسها الطنين القادم من الثقب الأسود...أخذ يعلو ولم تستطع اسكاته بالطرق على رأسها...لم تستطع الفرار منه...حتى أدركت في النهاية أنه لا سبيل للخلاص منه سوى بالخلاص من حياتها

14 Jul 2017

أسند جبهتي إلى أطراف أصابعي وأبتسم...ذات الجبهة التي صاحبتني لستّة وثلاثين عام...ذات الأنامل...وإحساس مختلف..لأوّل مرّة أخوض معركة شرسه -ربّما الأشرس على مدار سنوات عمري- وأخرج بجبهة لا تحترق...بلا غضب...ولكني أخرج بابتسامة واسعة ونفس مطمئنّة

خلف كلّ معركة...أختلي بنفسي لأعدّ الخسائر...والمكاسب...أما خلف هذه المعركة فأنا أعلم تماما أنّها ماخلّفت إلّا مغانم...حتّى ما خسرته كانت خسارته مكسب هائل...فبعض البشر إن فارقتهم...عدّ ذلك مغنما

لثلاث سنوات أرقب الدنيا بغير اكتراث من فوق مقعدي هذا...لا شيء يعجبني...ولا شيء يضيرني...تقذفني بسهم تلو الآخر فلا يصيبني...أقلّبه بين أصابعي بغير اكتراث ثم ألقيه في مكان...اليوم...واليوم فقط...أكنس كل شيء عن الأرض...أتمتم بسم الله الواحد القهار فيأتيني بمدد لا أعلمه ولكني أدرك أثره...فأبتسم...مازال مابيني وبين الله موصول لا ينقطع...ينقص أو يزيد...ولكن لا ينقطع

اليوم...واليوم فقط...تعود ابتسامة لم أدرك أنّي افتقدتها حتى عادت...وحين أتاني نسيم الفجر...أتت معه تلك الخفّة الّتي غابت...فأبتسم...وأسبّح باسم الله الواحد القهّار...فيملؤني الرضا ويفيض من كفّي...فأدرك أن هناك شيء ما سيحدث

مابين قديم مستعاد ومجهول مرتقب تتسع الاحتمالات...لا أعلم شيء...ولا أنتظر شيء على وجه التحديد...فقط أعرف أن الأشياء لا تعود كما كان...لذلك هناك دوما فرصة لشيء أفضل...فأتبسم...أرقد في فراشي...أغمض عيني في انتظار النوم...والمجهول

1 Jun 2017

جيفة تنتظر موعدها مع دود الأرض

وحدك تجلس في هدوء لتعيد تنظيم حياتك...تقرأ حرفك فلا تجدك بين سطورك...اليوم انت انسان جديد...جديد تماما...لا تجد لنفسك صلة بينك وبين ماكنت عليه يوما...والأسوأ أنّك لا تميز على الإطلاق كيف أصبحت الآن...يتملكك الفزع...ترتبك تماما...تسقط في النوم لساعات طويلة...تستيقظ بجسد مهدّم كأنّك استهلكت في صراعات مع أحلامك التي لا تتذكرها على غير العادة

ترقد في فراشك لساعات تتأمل أطرافك وهي تتجمّد...وعظامك وهي تتحطّم...وظهر المكسور من منتصفه تماما يؤلمك...فتدرك أن ثمّة لعنة ما تأكلك تماما...تقض مضجعك وتفتّ عظامك كل ليلة...تهرع إلى الأصدقاء لعلّك تعرف من أنت اليوم...فلا تدرك نفسك ولكنك تدرك لعنتك! هي! تلك القطّه المقروحة التي انقذتها يوما من ركلات العابرين فلما اشتد عودها خَمَشَت وجهك ورحلت! بلا سبب تدركه ولا ذنب جنيته!

تعود لك ذاكرتك...حرفك...تكتب...عنها...وعنك...وعن المحبّة التي صارت لعنة...والصديقة التي صارت عدوّة..والغدر...والخيانة...والحقارة التي لم تدركها...اليوم فقط تدرك لماذا يكسو وجهك التقزز كلما مر على خاطرك اسمها...ولماذا يكسو السواد المشهد كلما تعثّرت فيها صدفة في مكان ما...ولماذا صرت تخشى نفسك...فأنت يوما قد كنت أكثر سذاجة مما تعلم فسسقطت في فخ العطف عليها...لم تدرك ان خلف هذه الندوب التي تكسوها يسكن قيح لا ينتهي...قيح ستكسوك به يوما بعد أن تظن أنّها برأت وتعافت...هي التي لا تتعافى أبدا...ولكنك لم تدرك...انت تخجل اليوم من نفسك...نفسك التي كانت يوما طيّبه...وماعدت الآن تراها ولا تعلم كيف أصبحت...

اليوم...واليوم فقط...تدرك أنّك يجب أن تكتب...عنها...كيف كنت تراها...وكيف أدركت أنّها ليست إلّا جيفة تنتظر موعدها مع دود الأرض ماكان لك أن تعاشرها يوما...فالجيف لا يجب لها أن تخالط الأحياء...تكتب عنها الكثير...حتى تتطهّر تماما من القيح الذي كستك به وأصاب حياتك بالعفن

18 May 2017

يخوض معاركه كطفل وليد بقلب بريء …يعوزه الذكاء اللازم للكذب والمرواغه…وتنقصه القوّة المطلوبة لسحق الآخرين بلا رحمة…لاتنضجه المعارك ولا تقهره.
وحده…يواجه قبح العالم بلا سند ولا عضد…تبعثره الهزائم وتشتته المحن فيعود ليتلملم ويبدأ من جديد. يتهمونه دوما بالغفلة فيبتسم…يتعثر…ينكفيء…فينتصب واقفا من جديد…كلما ادركته الحياة بمصائبها يبتسم…ويتعجّبون من نقطة النور في صدره التي تضيء له الطريق…فلا يضل ولا يبغي ولا ينكسر. يمضي دوما في طريقه قدما…لا أعلم تحديدا هل يرتقي أم من حوله هم من ينحدرون…ولكني أعلم أن الفجوة بينهم تتّسع…فتزيد ابتسامته رضا…وتزيدهم ابتسامته سخطا…فيرتقي درجة تلو الدرجة…حتى  يبلغ قمة جبل لا يرونه…فيطلق جناحيه ويحلّق بعيدا…بنفس ذات الابتسامه…وتضيء له نقطة النور في صدره السماء والأرض…فيحلّق كيفما شاء…ويحطّ وقتما شاء